سقوط الشمس
قصة قصيرة للواء مجدي البكري
كانت
تختبئُ خلفَ طبقاتٍ بعضُها فوقَ بعضٍ حتى إذا أخرجتُ يدي بالكادِ أراها ،
ثُمَّ بينَ لحظةٍ و أُخرى تُطِلُّ بطرفِها لتَسْتَرِقَ النَّظَرَ إلَى
وَجهي فتلمعُ عَينايَ و يضيءُ جَبينِي فَأَبتَسِمُ ثُمَّ أنتظرُ اللحظةَ
التاليةَ .
اِنتَظَرتُ كَثيرًا هذي المرة ، لعلَّها تزيحُ هَذي الطبقاتِ الرماديَّةَ كَيْ تصلَ إليَّ ، لكِن غلبتها كُلُّ الطَّبقات .
و
ما أَنْ هَمَمْتُ بالوُقوفِ كَيْ أغادرَ شُرفَتي حتَّى وَجَدتُها تبتسمُ
مِنْ جِهَةِ الغروبِِ و قدِ احمَرَّ وَجهُهَا خَجَلًا ، اعتدلْتُ تِجاهَها و
مَا أنْ ابتسمْتُ و فتحْتُ ذِراعَيَّ و صَدري كَيْ أحتضنَها حتَّى جاءَتْ
تلكَ السحابةُ السوداءُ الثقيلةُ و قَطَعَتْ لحظةَ عِشْقٍ نُورِيٍّ دافِئ ،
و أرسَلَتْ لِي إنذارًا رَعدِيًّا .
مُنْذُ مَتَى و العشقُ النُّورِيُّ مُحَرَّمٌ كَيْ يَصعَقَ هذا الرَّعدُ بِوجهي ؟
شَعُرتُ بِلَسْعَةِ بَردٍ و بِرَعشَةٍ تجتاحُ جَسَدي ، غادرتُ الشُّرفةَ و أَغلقتُ الأبوابَ و جلستُ أمامَ التِّلفازِ .
كان
المذيعُ يعلنُ عن سُوءِ الأحوالِ الجَوِّيَّةِ ، و لم يُعلنْ أَنَّ
الشَّمسَ ظَلَّتْ تُحاولُ أَنْ تظهرَ عِدَّةَ مَرَّاتٍ ، لَكِنَّ غَمَاماتٍ
مظلمةً ظَلَّتْ تَحجِبُها و تُزِيحُها حتَّى سَقَطَتْ في هذا الأُفْقِ
البَحَرِيّ المُظلِم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
شكرا لك على تعليقك في الموقع الرسمي للشاعر و الكاتب المصري د.عبدالغنى مصطفي عبدالغني (رحمه الله)